تربیت
Tarbiat.Org

الکافی جلد 4
ابی‏جعفر محمد بن یعقوب کلینی مشهور به شیخ کلینی

بَابُ ابْتِلَاءِ الْخَلْقِ وَ اخْتِبَارِهِمْ بِالْکَعْبَةِ

1- مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِی یُسْرٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عِیسَی بْنِ یُونُسَ قَالَ کَانَ ابْنُ أَبِی الْعَوْجَاءِ مِنْ تَلَامِذَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِیِّ فَانْحَرَفَ عَنِ التَّوْحِیدِ فَقِیلَ لَهُ تَرَکْتَ مَذْهَبَ صَاحِبِکَ وَ دَخَلْتَ فِیمَا لَا أَصْلَ لَهُ وَ لَا حَقِیقَةَ فَقَالَ إِنَّ صَاحِبِی کَانَ مِخْلَطاً کَانَ یَقُولُ طَوْراً بِالْقَدَرِ وَ طَوْراً بِالْجَبْرِ وَ وَ مَا أَعْلَمُهُ اعْتَقَدَ مَذْهَباً دَامَ عَلَیْهِ وَ قَدِمَ مَکَّةَ مُتَمَرِّداً وَ إِنْکَاراً عَلَی مَنْ یَحُجُّ وَ کَانَ یَکْرَهُ الْعُلَمَاءُ مُجَالَسَتَهُ وَ مُسَاءَلَتَهُ لِخُبْثِ لِسَانِهِ وَ فَسَادِ ضَمِیرِهِ فَأَتَی أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَجَلَسَ إِلَیْهِ فِی جَمَاعَةٍ مِنْ نُظَرَائِهِ فَقَالَ یَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ الْمَجَالِسَ أَمَانَاتٌ وَ لَا بُدَّ لِکُلِّ مَنْ بِهِ سُعَالٌ أَنْ یَسْعُلَ أَ فَتَأْذَنُ فِی الْکَلَامِ فَقَالَ تَکَلَّمْ فَقَالَ إِلَی کَمْ تَدُوسُونَ هَذَا الْبَیْدَرَ وَ تَلُوذُونَ بِهَذَا الْحَجَرِ وَ تَعْبُدُونَ هَذَا الْبَیْتَ الْمَعْمُورَ بِالطُّوبِ وَ الْمَدَرِ وَ تُهَرْوِلُونَ حَوْلَهُ هَرْوَلَةَ الْبَعِیرِ إِذَا نَفَرَ إِنَّ مَنْ فَکَّرَ
الکافی ج : 4 ص : 198
فِی هَذَا وَ قَدَّرَ عَلِمَ أَنَّ هَذَا فِعْلٌ أَسَّسَهُ غَیْرُ حَکِیمٍ وَ لَا ذِی نَظَرٍ فَقُلْ فَإِنَّکَ رَأْسُ هَذَا الْأَمْرِ وَ سَنَامُهُ وَ أَبُوکَ أُسُّهُ وَ تَمَامُهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ وَ أَعْمَی قَلْبَهُ اسْتَوْخَمَ الْحَقَّ وَ لَمْ یَسْتَعِذْ بِهِ وَ صَارَ الشَّیْطَانُ وَلِیَّهُ وَ رَبَّهُ وَ قَرِینَهُ یُورِدُهُ مَنَاهِلَ الْهَلَکَةِ ثُمَّ لَا یُصْدِرُهُ وَ هَذَا بَیْتٌ اسْتَعْبَدَ اللَّهُ بِهِ خَلْقَهُ لِیَخْتَبِرَ طَاعَتَهُمْ فِی إِتْیَانِهِ فَحَثَّهُمْ عَلَی تَعْظِیمِهِ وَ زِیَارَتِهِ وَ جَعَلَهُ مَحَلَّ أَنْبِیَائِهِ وَ قِبْلَةً لِلْمُصَلِّینَ إِلَیْهِ فَهُوَ شُعْبَةٌ مِنْ رِضْوَانِهِ وَ طَرِیقٌ یُؤَدِّی إِلَی غُفْرَانِهِ مَنْصُوبٌ عَلَی اسْتِوَاءِ الْکَمَالِ وَ مَجْمَعِ الْعَظَمَةِ وَ الْجَلَالِ خَلَقَهُ اللَّهُ قَبْلَ دَحْوِ الْأَرْضِ بِأَلْفَیْ عَامٍ فَأَحَقُّ مَنْ أُطِیعَ فِیمَا أَمَرَ وَ انْتُهِیَ عَمَّا نَهَی عَنْهُ وَ زَجَرَ اللَّهُ الْمُنْشِئُ لِلْأَرْوَاحِ وَ الصُّوَرِ
2- وَ رُوِیَ أَنَّ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ ص قَالَ فِی خُطْبَةٍ لَهُ وَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِأَنْبِیَائِهِ حَیْثُ بَعَثَهُمْ أَنْ یَفْتَحَ لَهُمْ کُنُوزَ الذِّهْبَانِ وَ مَعَادِنَ الْعِقْیَانِ وَ مَغَارِسَ الْجِنَانِ وَ أَنْ یَحْشُرَ طَیْرَ السَّمَاءِ وَ وَحْشَ الْأَرْضِ مَعَهُمْ لَفَعَلَ وَ لَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلَاءُ وَ بَطَلَ الْجَزَاءُ وَ اضْمَحَلَّتِ الْأَنْبَاءُ وَ لَمَا وَجَبَ لِلْقَائِلِینَ أُجُورُ الْمُبْتَلَیْنَ وَ لَا لَحِقَ الْمُؤْمِنِینَ ثَوَابُ الْمُحْسِنِینَ وَ لَا لَزِمَتِ الْأَسْمَاءُ أَهَالِیَهَا عَلَی مَعْنًی مُبِینٍ وَ لِذَلِکَ لَوْ أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ آیَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِینَ وَ لَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلْوَی عَنِ النَّاسِ أَجْمَعِینَ وَ لَکِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَ رُسُلَهُ أُولِی قُوَّةٍ فِی عَزَائِمِ نِیَّاتِهِمْ وَ ضَعَفَةً فِیمَا تَرَی الْأَعْیُنُ مِنْ حَالَاتِهِمْ مِنْ قَنَاعَةٍ تَمْلَأُ الْقُلُوبَ وَ الْعُیُونَ غَنَاؤُهُ وَ خَصَاصَةٍ تَمْلَأُ الْأَسْمَاعَ وَ الْأَبْصَارَ أَذَاؤُهُ وَ لَوْ کَانَتِ الْأَنْبِیَاءُ أَهْلَ قُوَّةٍ لَا تُرَامُ وَ عِزَّةٍ لَا تُضَامُ وَ مُلْکٍ یُمَدُّ نَحْوَهُ أَعْنَاقُ الرِّجَالِ وَ یُشَدُّ إِلَیْهِ عُقَدُ
الکافی ج : 4 ص : 199
الرِّحَالِ لَکَانَ أَهْوَنَ عَلَی الْخَلْقِ فِی الِاخْتِبَارِ وَ أَبْعَدَ لَهُمْ فِی الِاسْتِکْبَارِ وَ لآَمَنُوا عَنْ رَهْبَةٍ قَاهِرَةٍ لَهُمْ أَوْ رَغْبَةٍ مَائِلَةٍ بِهِمْ فَکَانَتِ النِّیَّاتُ مُشْتَرَکَةً وَ الْحَسَنَاتُ مُقْتَسَمَةً وَ لَکِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ یَکُونَ الِاتِّبَاعُ لِرُسُلِهِ وَ التَّصْدِیقُ بِکُتُبِهِ وَ الْخُشُوعُ لِوَجْهِهِ وَ الِاسْتِکَانَةُ لِأَمْرِهِ وَ الِاسْتِسْلَامُ لِطَاعَتِهِ أُمُوراً لَهُ خَاصَّةً لَا تَشُوبُهَا مِنْ غَیْرِهَا شَائِبَةٌ وَ کُلَّمَا کَانَتِ الْبَلْوَی وَ الِاخْتِبَارُ أَعْظَمَ کَانَتِ الْمَثُوبَةُ وَ الْجَزَاءُ أَجْزَلَ أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ اخْتَبَرَ الْأَوَّلِینَ مِنْ لَدُنِ آدَمَ إِلَی الْ‏آخِرِینَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ بِأَحْجَارٍ لَا تَضُرُّ وَ لَا تَنْفَعُ وَ لَا تُبْصِرُ وَ لَا تَسْمَعُ فَجَعَلَهَا بَیْتَهُ الْحَرَامَ الَّذِی جَعَلَهُ لِلنَّاسِ قِیَاماً ثُمَّ وَضَعَهُ بِأَوْعَرِ بِقَاعِ الْأَرْضِ حَجَراً وَ أَقَلِّ نَتَائِقِ الدُّنْیَا مَدَراً وَ أَضْیَقِ بُطُونِ الْأَوْدِیَةِ مَعَاشاً وَ أَغْلَظِ مَحَالِّ الْمُسْلِمِینَ مِیَاهاً بَیْنَ جِبَالٍ خَشِنَةٍ وَ رِمَالٍ دَمِثَةٍ وَ عُیُونٍ وَشِلَةٍ وَ قُرًی مُنْقَطِعَةٍ وَ أَثَرٍ مِنْ مَوَاضِعِ قَطْرِ السَّمَاءِ دَاثِرٍ لَیْسَ یَزْکُو بِهِ خُفٌّ وَ لَا ظِلْفٌ وَ لَا حَافِرٌ ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ وَ وُلْدَهُ أَنْ یَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ نَحْوَهُ فَصَارَ مَثَابَةً لِمُنْتَجَعِ أَسْفَارِهِمْ وَ غَایَةً لِمُلْقَی رِحَالِهِمْ تَهْوِی إِلَیْهِ ثِمَارُ الْأَفْئِدَةِ مِنْ مَفَاوِزِ قِفَارٍ مُتَّصِلَةٍ وَ جَزَائِرِ بِحَارٍ مُنْقَطِعَةٍ وَ مَهَاوِی فِجَاجٍ عَمِیقَةٍ حَتَّی یَهُزُّوا مَنَاکِبَهُمْ ذُلُلًا یُهَلِّلُونَ لِلَّهِ حَوْلَهُ وَ یَرْمُلُونَ عَلَی أَقْدَامِهِمْ شُعْثاً غُبْراً لَهُ قَدْ نَبَذُوا الْقُنُعَ وَ السَّرَابِیلَ
الکافی ج : 4 ص : 200
وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَ حَسَرُوا بِالشُّعُورِ حَلْقاً عَنْ رُءُوسِهِمُ ابْتِلَاءً عَظِیماً وَ اخْتِبَاراً کَبِیراً وَ امْتِحَاناً شَدِیداً وَ تَمْحِیصاً بَلِیغاً وَ قُنُوتاً مُبِیناً جَعَلَهُ اللَّهُ سَبَباً لِرَحْمَتِهِ وَ وُصْلَةً وَ وَسِیلَةً إِلَی جَنَّتِهِ وَ عِلَّةً لِمَغْفِرَتِهِ وَ ابْتِلَاءً لِلْخَلْقِ بِرَحْمَتِهِ وَ لَوْ کَانَ اللَّهُ تَبَارَکَ وَ تَعَالَی وَضَعَ بَیْتَهُ الْحَرَامَ وَ مَشَاعِرَهُ الْعِظَامَ بَیْنَ جَنَّاتٍ وَ أَنْهَارٍ وَ سَهْلٍ وَ قَرَارٍ جَمَّ الْأَشْجَارِ دَانِیَ الثِّمَارِ مُلْتَفَّ النَّبَاتِ مُتَّصِلَ الْقُرَی مِنْ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ وَ رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ وَ أَرْیَافٍ مُحْدِقَةٍ وَ عِرَاصٍ مُغْدِقَةٍ وَ زُرُوعٍ نَاضِرَةٍ وَ طُرُقٍ عَامِرَةٍ وَ حَدَائِقَ کَثِیرَةٍ لَکَانَ قَدْ صَغُرَ الْجَزَاءُ عَلَی حَسَبِ ضَعْفِ الْبَلَاءِ ثُمَّ لَوْ کَانَتِ الْأَسَاسُ الْمَحْمُولُ عَلَیْهَا وَ الْأَحْجَارُ الْمَرْفُوعُ بِهَا بَیْنَ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ وَ یَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَ نُورٍ وَ ضِیَاءٍ لَخَفَّفَ ذَلِکَ مُصَارَعَةَ الشَّکِّ فِی الصُّدُورِ وَ لَوَضَعَ مُجَاهَدَةَ إِبْلِیسَ عَنِ الْقُلُوبِ وَ لَنَفَی مُعْتَلِجَ الرَّیْبِ مِنَ النَّاسِ وَ لَکِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَخْتَبِرُ عَبِیدَهُ
الکافی ج : 4 ص : 201
بِأَنْوَاعِ الشَّدَائِدِ وَ یَتَعَبَّدُهُمْ بِأَلْوَانِ الْمَجَاهِدِ وَ یَبْتَلِیهِمْ بِضُرُوبِ الْمَکَارِهِ إِخْرَاجاً لِلتَّکَبُّرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَ إِسْکَاناً لِلتَّذَلُّلِ فِی أَنْفُسِهِمْ وَ لِیَجْعَلَ ذَلِکَ أَبْوَاباً فُتُحاً إِلَی فَضْلِهِ وَ أَسْبَابُ‏اً ذُلُلًا لِعَفْوِهِ وَ فِتْنَتِهِ کَمَا قَالَ الم. أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ یُتْرَکُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ. وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَیَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ لَیَعْلَمَنَّ الْکاذِبِینَ